17 - 07 - 2024

ايقاع مختلف | شهوة التجلى

ايقاع مختلف | شهوة التجلى

 

"الشعر شىء ضرورى للحياة وليتنى أعرف لماذا !!"

تلك هى كلمات المبدع الفرنسى الشهير "جان كوكتو"، كلمات أستعيدها الآن وأنا أستقبل الديوان الذى تأخر طويلاً لصديقى الشاعر المصرى الجميل "مجدى شندى".

نعم الشاعر مجدى شندى، ربما يعرفه القراء صحفيا نذر عمره كله للصحافة فارساً حقيقياً فى زمن غاب عنه الفرسان، وربما يعرفه مشاهدو الفضائيات محللاً سياسياً ذا عينين اثنتين، يؤمن بأن أحكام الأبيض والأسود لا وجود لها، لكن هذا لا يعنى أبداً أن تتوارى الحقائق خلف الرمادية المضللة، وإنما هو يوقن بأن الموضوعية والإنصاف يستحقان أن يكون لهما عشاق يقبضون على جمر الحقيقة ويرفعون راية الإنصاف، وهذا هو ما يجعل كل الأطراف غير راضية عنه، وكل طرف يحسبه على الأطراف الأخرى، وربما يعرفه الصحفيون راهباً لا يعرف إلا أن يكتب ويكتب ويكتب، وهو يدخن ويدخن ويدخن، أما أنا فعرفته -ومازلت- شاعراً شديد الرهافة، أخذ عن محمود درويش بعض فروسية الشاعر، وعن أمل دنقل بعض تمرد الرافض لكل قبح الساعى لكل جمال، وعن قريته بعض تلك البساطة المدهشة وذلك الحياء الجميل.

كان ذلك منذ ثلاثة عقود ونصف، يوم كان الدور الرابع من مبنى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية يمثل حدود عالمنا نحن طلاب كلية الإعلام، قبل أن يصبح للكلية مبناها الخاص، كان كل ما نملكه مدرجاً واحداً وبضع قاعات صغيرة، لكن لم يكن لأحد أن يعرف أن حدود عالمنا كانت تمثلها الآفاق، وأن سقف أحلامنا كان السماء ذاتها، وأن معراجنا الحقيقى كان على براق القصيدة الشعرية المحلقة، وكانت قصيدة مجدى شندى القروية الحيية تحمل عنفواناً مدهشاً ومثالية لا حد لها، وكان هو ذاته أجمل قصائده.

شرِّق مع الصحافة ما شئت يا صديقى، وغرب مع السياسة ما شئت يا صديقى، لكن يبقى الشعر دائماً، لأنه الثابت الذى لا يلهث وراء العابر المتحول، والجوهر الذى لا تطحنه معارك العرض المؤقت، ولتعد إلى قطبك الجليل أيها المريد الجانح، فالشعر يدعوك لأن تبقى هنا حتى تلمس قلب الأشياء.

"شهوة التجلى" تعود بمجدى شندى إلى ساحة الشعر الجميل، فمرحباً بك فى ساحتك المثلى أيها الصديق النبيل.